2011-12-05

free Razan


Why Syria's arrested blogger, Razan Ghazzawi, is one of my heroes


 Jillian C York

A consummate activist, let's hope my friend's belief in the power of people is well placed and helps secure her freedom


Razan Ghazzawi, a Syrian blogger, has been arrested. Photograph: Jillian C York
I got an urgent instant message from my good friend Razan Ghazzawi last Tuesday night. Having tweeted and blogged against the Syrian regime for the past several months under her real name, from inside Syria, Ghazzawi was concerned that she had become a target. 

Always prepared, she sent me her contingency plan: close her online accounts. Syrians who have been arrested and detained over the past nine months have reported having their passwords demanded by authorities. Though closing her accounts wouldn't help her, it could protect her friends – that's the kind of person Ghazzawi is.



Those close to her say that she was on her way to a workshop in Jordan organised by her employer, the Syrian Centre for Media and Freedom of Expression, when she was arrested. Though it's difficult these days to understand anything the Syrian regime does, her blog may have been the impetus for her arrest, or it may not have, but in either case her outspoken writing could very well make things worse for her.

By birth, Ghazzawi is an American citizen – though she would undoubtedly resent the idea of that being used to free her. In any case, it is unlikely that the US government could have any pull with the Syrian regime at this point.

I met Ghazzawi in 2008 at a conference in Europe. We only connected briefly – she was working on her master's thesis – but we kept in touch and when I visited Syria the next year, reconnected. She is a consummate activist, never content to let something slide, always thinking, sometimes too much. She is passionate about LGBT and gender rights, Palestine and, of course, her beautiful Syria.

Though Ghazzawi had blogged under her own name for several years, at the start of the Syrian revolution she had a change of heart, changing her name on Twitter and locking down her Facebook account. I never asked, but I assumed she was scared. She left for a while for Lebanon, then Egypt, but ended up back in Syria soon after; I can only assume she felt compelled to return.

Eventually, she decided against anonymity, returning to her former outspoken nature and tweeting, her opposition to the regime coming across loud and clear. 

What I appreciate and respect the most about Ghazzawi (and what I suspect is what irks a lot of other people about her), however, is her honesty and humanity. Though a staunch supporter of Palestinian rights, she has denounced the double standards of Palestinian resistance groups that have expressed support of the Syrian regime. She has not been afraid to speak up against those she disagrees with, even her friends. For that, she is among my heroes.

She has also been pragmatic, sceptical even, of the role of social media in Syria and throughout the region, consistently claiming that "online activists are overrated". Bemused, annoyed even, at all of the invitations she's received to represent Syrian digital activists at conferences, she has taken a pragmatic approach to the effect of digital tools in Syria, where access to the internet hovers at around 20% and DSL is mostly unavailable outside of Damascus.

Last time I saw her, at the Third Arab Bloggers Meeting in Tunis, she drove the point home: after learning that Palestinians had been denied visas to attend, she slapped a sign on her back that read: "OK, [Palestinians] denied entry. Let's not just tweet about it!"

It is ironic then, that her own online outspokenness may be the cause of her arrest.

In respect to the Syrian opposition, Ghazzawi has been thoughtful, nuanced, writing about her love of Syria and her desire for a simultaneously free and peaceful Syria. On her blog, she recently wrote:

         "Colonisation made us all a bunch of nationalists [fighting] for a label [rather] than for a value. I want to be living hand in hand with all of you, and this cannot be done if we see ourselves as 'majorities' and 'minorities.' The foundation of this logic lies in nationalism."

But if there is one thing that represents Ghazzawi more than anything, it is her belief in the power of people – not politicians, not parties, but individuals. "It's time for people's self-determination to rule the region, you just wait and watch," she wrote in October. Let's hope that her prophecy is correct.


the guardian

2011-08-04

مثقفون لبنانيون يدعون الى وقفة تضامنية مع الشعب السوري في ثورته


منذ خمسة اشهر والنظام الاستبدادي السوري يصم اذنيه عن المطالب المشروعة
للشعب السوري. ما يريده السوريون لأنفسهم هو الكرامة الانسانية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، وانهاء كابوس ديكتاتورية الجمهورية الوراثية.
نحن الموقعين على هذا البيان نعلن شجبنا للعنف الذي يمارس ضد الشعب السوري في ثورته السلمية الديموقراطية، وندعو المواطنين اللبنانيين الى وقفة تضامنية في التاسعة من مساء الاثنين 8 آب امام تمثال الشهداء، نضيء فيها الشموع، ونرسل من خلال شهداء 6 ايار اللبنانيين والسوريين رسالة تضامن الى الشعب السوري الشجاع والنبيل. 
Monday, August 8 · 9:00pm - 10:00pm

صفحة الفيسبوك "هنا"



2011-07-11

في حال لم تدركوا بعد.. إنها ثورة ضدكم أيضا


In case you didn’t get it yet .. the revolution is against you -classical opposition-  as well

تابعت المعارضة السورية القديمة ممثلة بـ"إعلان دمشق" و"الإخوان المسلمين" و"التجمع الوطني الديموقراطي"، و"حزب العمال الثوري"، وتشكيلة الأحزاب السورية الكردية المعروفة، وغيرها، وعدد من الشخصيات المعارضة مما يسمى بـ"الرموز" والمبثوثة اعتباطا في الأنحاء؛ أقول تابعت هذه كلها جميعا وصلتها المعارضجية الروتينية المستمرة بقوة العطالة منذ سنوات طويلة، وكأن ثورة لم تقم ضد النظام، أو كأن الانتفاضة الشعبية الحالية ضد الاستبداد تجري في مكان آخر ليس سوريا.


بل إن من هذه المعارضة من حاول بانتهازية سافرة ركوب موجة الاحتجاجات باكرا. كتلك الدعوة التي وجهها "الإخوان" في أحد أيام الجمعة للنزول إلى الشارع، بعد أن كان الناس في الشارع أصلا. منتشين –الإخوان- أسرع من اللازم سياسيا، ومن جلسة المداعبة الأولى في "الحضن" التركي.

وهي دعوة لاقت استهجانا من العديد من الفعاليات المنظمة للاحتجاجات على الأرض، وخلت كل تظاهرات الحرية في طول البلاد وعرضها في ذلك اليوم -كما في الأيام السابقة واللاحقة- من أي "لواء" لهذه الجماعة التي لازالت تتلطى وراء شعبية موهومة مستفيدة من التعتيم الإعلامي على مجريات الانتفاضة الشعبية المتواصلة من قبل سلطة الأمر الواقع في سوريا.

غير أن ارتجال "الإخوان" الأخير ذاك لم يكن بدعا في طريقة التفكير التي تتعاطاها المعارضة القديمة على الإجمال، ومنها "إعلان دمشق" الذي سبق له ودخل مع "الإخوان" إياهم في تحالف منفر سياسيا وأخلاقيا مع نائب رأس السلطة المنشق –عن رأسها لا عن ديكتاتوريتها ولصوصيتها- عبد الحليم خدّام، والذي يبحث اليوم في قمامته الدبلوماسية عن "كروت فيزيت" قديمة لموظفي سفارات العالم ليتحدث إليهم مسوقا نفسه، بدء بواشنطن وليس انتهاء بتل أبيب كما ظهر للعلن.

وما يجمع كل هؤلاء الذين سبق ذكرهم وآخرين سواهم، هو تلك اللطخة العمياء في أبصارهم التي يستعينون بها على تجاهل المطالب الحقيقية للثورة السورية في إسقاط "النظام"، أي "السلطة" و"المعارضة" معا، بثقافة متجددة ترمي وراءها -للتاريخ ربما- ذلك اللغو والرغو السياسي والثقافي الذي يتفنن في إنتاجه شفاهة وكتابة على وسائل الإعلام مثقفوا ومرتزقة الطرفين منذ عقود.

ومخطئ من يظن أن السورين المنتفضين سلميا اليوم في شوارع المدن والقرى بتماسهم الدامي مع الرصاص الحي يريدون تغيير "بشار الأسد" كشخص، مثل حال ذلك الاسم غير الموفق على الاطلاق لصفحة "الفيسبوك" الشهيرة.

وكما تلجأ قيادة نظام الأمر الواقع في سوريا في إفلاسها الأخلاقي والسياسي إلى مداهنة المشايخ، والقساوسة، والعشائر؛ يستسهل مثقفو المعارضة البائدة ورموزها القبض من المادة السياسية الموجودة اليوم خاما لإعادة تشكيل لغوهم المخاطي بأشكال أخرى، مداهنين الشباب بأدوات لا يملكونها، لدرجة أنّ أحد الرموز الأشاوس للعلمانية السورية المعارضة رمى في الفترة الأخيرة في جريدة "الأخبار" اللبنانية –وما أدراك ما الأخبار- مادة متهافتة تنتقص من قدر الشباب المنتفض، وهو بالكاد يملك القدرة على التواصل مع هؤلاء الشبيبة التي يتخوف من وضع المستقبل بين يديها، خاصة وأنه لا يملك حتى حسابا عل الـ"جيميل" للمراسلة ! ما يطرح السؤال حول فائدة ذلك الرأس المعرفي المتخم إن فقد شرايين الاتصال بباقي أنحاء الجسد.

علاوة على ذلك، لم يسبق لأي من هؤلاء المنظرين أن أتحفنا بأي تحليل، أو نقد، أو استقراء للثورات، والانتفاضات، والاحتجاجات، في تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، والبحرين-بعيد عن الاستعراضات الصحفجية-. حيث كان الخصاء الفكري لـ"رموز" المعارضة السورية القديمة واضحا للعيان لديهم جميعا، ورأينا كلنا أشداقهم المفتوحة في الصفحات الثقافية دهشة واستغرابا، كأي "مواطن عادي"، وهي عبارة كثيرا ما يستخدمونها لتحصين نخبويتهم المختارة. لنراهم اليوم -دون مقدمات- خبراء ومراجع، لا بحال ما يجري اليوم في سوريا، بل بما ستؤول عليه الأمور مستقبلا فيها. زادهم في هذا ضوضاء إنشائية، وأحمال من إشارت التعجب والاستفهام، وسيل لا ينقطع من الوعيد الـ"نوستراداموسي" بسوء العاقبة، الطائفية غالبا.

من الواضح أن المعارضجي القديم والمثقف السوري الأقدم لا يخاف هذه الأيام أن يعتقل أو يعذب أو يقتل انطلاقا من ردة فعل غريزية مبررة، وإنما لوهم راسخ في ذاته بأنه يحمل قيمة مضافة فائضة عن غيره داخل أناه المتورمة.

فهؤلاء القوم ومن في صفهم، اعتباطا أو عن دراية، من مثقفي العقل القديم، ولجوا باب أدوات التواصل المعاصرة من باب خاطئ. فبعد الكتاب الأحمر، والكتاب الأخضر، ظن كل هؤلاء بسذاجة أنهم وقوعوا أخيرا على اللون المنشود، "الكتاب الأزرق" وهو "الفيسبوك". غافلين عن خلو هذا الأخير من أية أيدلوجيا مباشرة، على الطريقة التي عهدوها وثقبوا رؤوسنا بتكرارها فيما مضى، لـ"يحمّـلوا" في المحصلة المخزية نفس العقلية القديمة على الصفحات الجديدة، ويبثوها بعد الرُقـُم، رَقميـّا.

وفي حين يرفع "العوام"، و"الغوغاء" -كما يرونهم- شعار (لا بشار ولا مخلوف، بعد اليوم ما في خوف)؛ لازال هؤلاء ممعنين في مجازهم وتوريتهم، وتقيتهم الثقافية، معلين من قيمة "العيب" في مواجهة من يحاول أن ينأى بمستقبله بعيدا عن سفسطاتهم، لأنهم في عين ذاتهم "أكبر" و"أحكم"، وما تلك العين إلا من طبيب العيون ذاك.

لقد عجزت المعارضة البائدة إلا عن اعادة استيلاد مريضة لتلفيقياتها القديمة المضبوطة قواعديا، نحوا وإملاء، مقابل لغة الشارع المنفلتة ببلاغة من سيور التقليد. "الأرابيش" عبر "فيسبوك"، و"سكايب"، و"تويتر"، فاقت بفصاحاتها الثورية، وحنكتها التعبيرية، كل ذلك "العلاك" الصلد، الموزون "خليلياً"، والذي يتمترس وراءه هؤلاء المثقفون. ممن لم يكلفوا انفسهم مفارقة خطاب السلطة القمعية تحليلا أو لغة، فانساقوا وراء ذات طروحات الأمن، والاستقرار، والسلفية، وعجزوا حتى عن إيجاد لغة سياقية مختلفة لا ترى في هذا النظام مخلصا باطنيا من ربقة الطائفية وهو الطائفي بامتياز، وضامنا مستترا للأمن وهو المجرم واللص.

وما تخويفهم المتواتر من "المؤامرة"، والأجندات الأجنبية، سوى دليل آخر على فضيحة افقتقادهم لعقود طويلة لأي أجندة وطنية تحررية بديلة، على كل الصعد والمستويات، نحو دولة سورية مدنية حرة. لدرجة أن صلف السلطة في عدم اعترافها بأخطاءها والكوارث التي جلبتها على البلاد طوال السنوات الماضية؛ يكاد يقاربه صلف هذه المعارضة التي تعتبر نفسها . صالحة لكل زمان ومكان، واستثناء من المعارضات التونسية والمصرية –ذات الباع الأطول سياسيا- التي سقطت دون أن يذرف عليها أحد "ستاتوس" فيسبوك واحد.

معارضة لا تعدو بياناتها المختلفة الصادرة تباعا منذ بدء الانتفاضة الشعبية سوى مسابقة ضحلة في تبديد الموارد البيئية من ورق وكهرباء وكافيين؛ لإعادة تبنيد ما عرفه الناس سلفا، وماتوا في سبيله. أما الباقي فليس سوى نصوص تستدعي الملل الفكري، والتثاؤب السياسي. وقد تصلح منوما إجباريا في المنزل لما بعد عودة المنتفضين كل يوم من التظاهر شهداء، ومعتقلين، ومصابين، ومعذبين، ومخفيين قسريا، في درعا، والمعضمية، وبانياس، واللاذقية، وبابا عمرو، والرستن، وتلكلخ، وعامودا، وصلاح الدين، ومعرة النعمان، وبرزة، ودوما، وداريا، و..و.. وهم قوم لا يجرؤون بطروحاتهم التي تجاوزها الزمن على إبراز سحنتهم "المعارضة" و"المثقفة" في أي من هذه الأماكن ساعة ذروة التوق للحرية.

وشأن مثقفي هذه المعارضة البائدة كشأن وزارة الثقافة السورية في عهد الاستبداد الأخير بين "الرياضين" سيئي الصيت؛ رياض عصمت، ورياض نعسان آغا، وهي تكابر اليوم ما زالت لإقامة "معرض دمشق للكتاب"، لا إمعانا في "بروباغاندا" أن "كل شيء على ما يرام"، بل متناسية أنه بعد تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، والبحرين، وسوريا، بالكاد تبقى هناك كتاب جدير بالقراءة من تلك الإصادرات السابقة على هذه الانتفاضات الشعبية.

من "أدونيس" إلى "جورج وسوف"، ومن "عزيز العظمة" إلى "دريد لحام"، وصولا إلى "بسام القاضي" و"ميشيل كيلو". لقد انتهى الإعلان في "إعلان دمشق" وخارجه، واليوم نحن في مرحلة البث المباشر لصوت الشارع الذي إن عجز دوي ماسورة "تي 72" عن إسكاته؛ فمن باب أولى ألا تشوش عليه تكتكات أطقم الأسنان الاصطناعية السياسية والمثقفاتية التي ليست فقط بادية العجز في هضم الدسم الشبابي في الربع الأول من هذه العام، بل تريد أن تورثنا عسر هضمها المزمن ذاك بالإكراه.

هؤلاء الذين لم يروا في الجوامع في هذا الظرف بالذات سوى أماكن عبادة لطائفة بعينها، وطالبوا الناس برفض الخروج منها نحو الحرية، وغضوا بصرهم سريعا عن كل تلك التظاهرات التي خرجت من أماكن أخرى وفي كل أيام الأسبوع، نهارا وليلا، إنما يقدمون ملمحا آخر لأميّـتهم اللوجستية في بلد يرزح تحت حكم مخابراتي أمني يرفع "ستالين" له القبعة في لحده. وهي أميّة عهدناها فيهم ولم تفاجئ أحدا بالمناسبة، وهم الذين عجزوا بشكل فضائحي لعقود عن جمع أعواد ثقابهم التنويرية في علبة واحدة.

أيا يكن الأمر، لماذا لم تتفضل هذه القامات وتنزل إلى الشارع من أي مكان ترغب النزول منه؟ لماذا لم ينزلوا من صوامعهم وأبراجهم؟ لماذا لم يتفضلوا وينزلوا من حمامات مساجهم الذهنية المرتخية؟ ؟ لماذا لم يتفضلوا وينزلوا من مراصدهم الاجتماعية والثقافية و"الإبستمولوجية" التي أوهموا الناس سنين طويلة بأنها تطل عليهم لـ"دراستهم"، في حين أنها لم تكن تطل سوى على غرف نومهم الخاصة وسلال قمامتهم الشخصية المرتبة.

إن كان نظام الاستبداد في سوريا لازال يكابر دمويا للتشبث بكرسي سلطته القمعية؛ فإن "إعلان دمشق" وسواه من الإعلانات والفواصل الرمزاوية المعارضجية والمثقفاتية الأخرى قد "سقطت" عفوا منذ أول دعسة قدم في ذلك الزقاق المغبر في درعا المنسية، في 18 من آذار "المستقبل"، وقضي الأمر.

وهذه الوحدانية التي لمسناها في خطاب النظام "سلطة – معارضة قديمة" لا ينبي إلا عن ذلك القنوط واليأس المستفحلين، اللذين يكنهما هؤلاء جميعهم لشعبهم "القاصر"، "العاطفي"، "السلفي"، "الطائفي"، "المتهور"، "الجاهل"، "الغريزي"، "المسلح". لدرجة ان أحدهم "الرمز" خرج على إحدى الفضائيات ليسبغ على مؤتمره في "سمير أميس" حصرية نعت "الوطنية" بلغة تبقى مرذولة وإن ممن كان بحجمه وتاريخه.

بيد أنه لازال في الأمر متسع لراغب بالالتحاق. وإن كاد المراهنون على "إصلاح" النظام قد شارفوا على الانقراض، فإن الباب لم يغلق بعد تماما أمام هؤلاء من ذوي العقل المعارض القديم كي يستفيقوا ويراجعوا ويعترفوا ويصارحوا ويتصلوا بأناسهم. فليقدموا مراجعاتهم وليعترفوا بإخفاقاتهم وليوضحوا مكامن القوة في نظرتهم للمستقبل كي يعرف الناس من هم الآن، لأننا لا نريد أن نعرف من كانوا. وسنبني لهم رغم ذلك متحف شمع كي يطمئنوا لخلودهم. وإلا فإن كل كتابتهم، ومؤتمراتهم، واستعراضاتهم على الشاشات، ومصافحاتهم مع الخارج الدبلوماسي، أو الداخل المستبد، لن تعدو كونها حلقة أخرى في دراما مبتذلة لن يلتفت إليها أحد. فنحن لسنا في وارد الانتقال من شعار مريض إلى آخر. من شعار "سيد الوطن"، إلى "سيدة الأحرار"، أو"سيد المقاومة"، أو"سيد الثورة". فالأحرار لا سادة لهم إلا أنفسهم.

وهؤلاء الذين فقدوا خيالهم، لايسع أحدا أن يسألهم أن يرسموا لنا المستقبل.

2011-04-01

معاً لتنحية المضللين الإعلاميين في الإعلام السوري الرسمي

معاً لتنحية وزير التضليل الإعلامي السوري محسن بلال، ومعه رؤوس طاقم الإعلام الإخباري الرسمي؛ مدير وكالة الأنباء السورية "سانا" عدنان محمود، ومدير "الإخبارية ، السورية" فؤاد شربجي، ومسؤولي دائرة الأخبار في التلفزيون السوري، والفضائية السورية وعلى رأسهم غالب فارس، ورئيس اتحاد الصحفيين الياس مراد.


السوريون وبينهم شهداء اليوم هم من دفعوا ويدفعون من جيوبهم وضرائبهم رواتب هؤلاء المضللين ليستخدموها في بث الأنباء الكاذبة، والبروباغاندا الوقحة، والتعتيم على الحقائق، والإمعان في الفساد المالي والإداري والمحسوبية.

هؤلاء المضللون الإعلاميون وعلى رأسهم محسن بلال هم من يساهمون في التغطية على جرائم إطلاق النار على المتظاهرين السوريين المدنيين، ويتسترون إعلامياً على الفاسدين الذين يسرقون قوت الناس باحتكارتهم التجارية والصناعية، وسرقاتهم الموصوفة ليلاً نهاراً، ويستخدمون الوشاية الأمنية لسجن الصحفيين وملاحقتهم أمنياً والتضييق عليهم في معاشهم وعملهم.

هذا الوزير وطاقمه لا يخجلون من الظهور على الفضائيات ساردين الكذبة تلو الكذبة حول الوضع المعاشي والإعلامي والحقوقي في سوريا. وزير صنفته مؤسسات إعلامية دولية من بين أعداء الإعلام الحر في العالم، لمواظبته على منع السوريين من التعبير عن آرائهم على شاشة تلفزيونهم الذي يملكونه ويدار بأموالهم.

محسن بلال المدعو طبيباً والذي لم يعرف الإعلاميون السوريون من طبـّه إلا الكي والاستئصال وإجهاض ولادة إعلام نزيه في البلد. وزير لا يتورع عن التقذيع بحق الصحفيين بلسانه السليط عن باطل، ويطرد مراسلي وكالات الأنباء، ويمنع توزيع الصحف والمجلات، وتـُحجب بعلمه ودرايته ورعايته المواقع الالكترونية السورية وغير السورية، ويفبرك قوانين مبتسرة ومعادية لحرية الإعلام الإلكتروني والمرئي والمطبوع والمسموع.

وهذه دعوة لجميع الزملاء الصحفيين العاملين في الإعلام الرسمي الحكومي للامتناع عن نشر الأنباء الكاذبة وذات البعد الطائفي التي يروج لها مسؤولوهم في سانا وقناة الإخبارية وموقع الإذاعة والتلفزيون وموقع وزارة الإعلام. فلننزه أقلامنا جميعا عن أن يغمسها أمثال محسن بلال وفؤاد الشربجي وعدنان محمود وأمثالهم في دماء شهداءنا دفاعا عن المجرمين الذين فتحوا النار عليهم بعد أن سرقوا خبزهم وقوت أولادهم.


خالد الاختيار - صحفي سوري

صفحة فيسبوك
https://www.facebook.com/home.php?sk=group_163563067032078

A unified call for the dismissal of the Syrian Minister of Misleading Media, Mohsin Bilal

Together, we call for the dismissal of the Syrian Minister of Misleading Media, Mohsin Bilal, along with the heads of all of the official media : Adnan Mahmoud, head of the Syrian News Agency 'SANA', Fouad Sharbaji, director of 'Syria News', and the directors of the news department of the Syrian television and the Syrian international television channel.

Syrian people, including the recent martyrs, have been paying taxes to cover the salaries of these misleaders of media, so they can spread lies and shameless propaganda and hide the truth, whilst involving themselves in financial and administrative corruption and nepotism.

These media misleaders, led by Mohsin Bilal, are participating in covering up the shootings of Syrian civilian protesters and hiding the ongoing theft of the people by corrupt commercial and industrial monopolising. They also work with the state security to persecute and imprison journalists, and to restrict their work and salaries.

This minister and his staff shamelessly go on television telling lie after lie about living conditions and the media and legal situation in Syria. He has been classified as an enemy of free media by several media institutions in the world for continuously preventing Syrians from expressing themselves on their own television which is run by their own money.

Mohsin Bilal carries the title of 'Doctor', and yet Syrians know nothing of his medicine apart from his cauterisation and abortion of an honest Syrian media. He doesn't hesitate to vilify journalists for no reason, sack media correspondents, prohibit the distribution of magazines and news papers, censor Syrian and non-Syrian media websites and issue laws to limit the freedom of visual, audio and printed media.

This is an invitation to all journalists working in the official Syrian media organisations to avoid publishing the false news which encourages sectarianism and is being promoted by their directors in SANA, Syrian News TV, the Syrian broadcasting website and the Ministry of Media. Let us write honestly without letting people such as Mohsin Bilal, Fouad Sharbaji, Adnan Mahmoud use the blood of our martyrs to protect the criminals who fired upon them, having already stolen their means of living.

Together, let's get rid of the Syrian Minister of Misleading Media, Mohsin Bilal.


Khaled El Elekhetyar – Syrian Journalist

facebook page
https://www.facebook.com/home.php?sk=group_163563067032078

2011-02-13

الحزبيون السوريون الجدد ..دماء شابـّة، وشريان مفتوح! (3)

شهادات وآراء شباب في الحياة الحزبية السورية



                             بين "شيخ" الدين، و"مريد" السياسة
                             (في الحزبية السورية الدينية)

   

عشر بنادق أمريكية الصنع مع ذخائرها, عبوات متفجرة مصنعة محليا, أشرطة تسجيل لخطب ومواعظ دينية وأسلحة أخرى بينها رشاش؛ كانت –ودائما وفق الداخلية السورية- حصيلة العملية التي قامت بها قوات الأمن في دمشق أوائل أيار2007 ضد (مجموعة إرهابية) استهدفت بناء مهجورا خلف مبنى الإذاعة والتلفزيون في قلب العاصمة.

ولم ننتظر طويلا قبل أن تتدفق التحليلات يومها لتربط بين عناصر المجموعة التي قتل بعضهم في الحادثة واعتقل بقيتهم, وبين سوري آخر هو (أبو القعقاع), الشيخ الحلبي الذي ذاع صيته كمروج للفكر(الجهادي) بين الشبيبة السورية, والتي يقول محللون أن من هؤلاء الشباب بالذات من استقل عن شيخه (محمود كولاسي) أو (اسحق الدخيل) –أبو القعقاع نفسه- لينطلق في نشاطه الخاص الذي سمعنا بعض أخباره من (سانا) في دمشق وحلب وحماة, في إطار تصدي رجال الأمن لـ(خلايا تكفيرية) محلية, وذلك قبل أن يلقى الدكتور الداعية مصرعه على باب مسجد (الإيمان) -في حلب مرة أخرى- اغتيالا بالرصاص عن عمر 42 عاما.

تتكرر مقدمات من هذا النوع أحيانا –لا تخلو من مغزى- عندما يشرع بالحديث عن الشباب والتيارات الدينية, ومدى ارتباط واستفادة كل منهما من الآخر حركيا, لكنها -أي تلك المقدمات- نادرا ما تجد لها سياقا استطلاعيا أو استقصائيا متمما على الأرض, بعيدا عن التحليلي (التجميعي) والدراسي النظري على ضرورة كل منهما.

ومن نافلة القول الإشارة إلى كل ذلك الحبر الذي سال ويسيل, خوضا في ظواهر (المد الأصولي) و(الردة الدينية) و(الجهادية الجديدة) و(...), لكن تبقى التجليات السياسية بالذات لهذه الظاهرة-بعيدا عن الاجتماعي والخيري- مبهمة ومشوشة في واقعنا السوري, بفعل عوامل قد يدفعنا سردها إلى العودة إلى واحدة من تلك التحليلات التي سبق ذكرها.

والنتائج التي يخرج بها من يحاول تلمس بعض هذه الإرهاصات الحركية والتنظيمية لهذا التيار الديني بين الشباب السوري لا تشفي الغليل, لاعتبارات لها علاقة بالجو المحيط بهذا الموضوع في الثقافة السورية السياسية, إذ لا يمكنك أن تتوقع (في الظروف الطبيعية) مثلا أن يجلس إليك شاب من حزب التحرير ليتجاذب معك أطراف الحديث في مقهى الروضة, أو أن تأخذ موعدا من شاب من الإخوان المسلمين في مكتبه لـتتعرف على خطّه السياسي الراهن, هذا على فرض أنّ للتيارين المذكورين وجودا فعليا على الأرض اليوم.

فالقوانين السورية الراهنة (صارمة) فيما يتعلق بهذا الموضوع الحساس, وهي عموما تحظر –فيما تحظر- إنشاء أحزاب سياسية على خلفية دينية أو طائفية, وأول ما يتبادر إلى الذهن في هذا الإطار هو القانون 49 للعام 80 ذائع الصيت, والذي يقضي على منتسبي جماعة الإخوان المسلمين بالإعدام (يتم استبدال هذه العقوبة مؤخرا بأحكام سجن طويلة), الأمر الذي يعيد إلى البال على الفور أحداث الثمانينات التي أقل ما يقال فيها أنها (مؤسفة).

وفي ظل كل ما يتم الحديث عنه من هذا المد الديني الذي لا تخطئ العين مظاهره وتجلياته الاجتماعية، لا وبل الاقتصادية أيضا, يبقى الباب مشرعا أمام السؤال الموضوعي عن مدى استعداد الشباب السوري المتدين وحماسته اليوم لأشكال أخرى من التعبير عن ذاته وميوله, من نمط العمل الجماعي والتنظيمي السياسي المباشر, طالما أن البيئة المحيطة تتقبل -على ما نشهد- باقي مناحي أشكال التعبير تلك؟

وعن اعتقاده بوجود تيارات إسلام سياسي بين الشباب السوري تنتظر الخروج إلى العلن, يقول عبد الرحمن شاغوري الشاب الذي سبق أن أودع السجن بتهمة توزيع نشرة الكترونية يصدرها موقع على الانترنت محسوب على جماعة الإخوان المسلمين السورية المحظورة:

"أريد أن أوضح شيئا في البداية, وهو أنه على الرغم من أني شخصيا ذو توجه إسلامي في العموم, لكنني هنا أتكلم بصفتي مستقلا وباسمي الشخصي, وأنا أرى بالفعل أنّ (الشعبية) على أرض الواقع هي بطبيعة الحال لهذا التيار الديني, بيد أنّ الحديث عن وجود تيارات سياسية ذات توجه أو طابع ديني وما شابه؛ أمر لا وجود له في سوريا نهائيا.

وأنا شخصيا –إذا سألتني- ضد فكرة الحزبية الدينية, والحزبية بشكل عام, لأن هذا الطرح يفترض إلى حد ما –ولغاية اليوم- أنّ عليك أن تسلـّم برأيك إلى جماعة بعينها, سواء أأمكن لك أن تساهم أو تشارك في صنع وانتخاب تلك الجماعة أم لا, وبالتالي يصبح من المتعذر عليك أن تقوم بأي فعل أو عمل –كبر أم صغر- من دون أخذ ضوء أخضر أو موافقة مسبقة من حزبك, كما يعني انتسابك إلى حزب أو تيار؛ قبولك وتبنيك بالضرورة كل موقف أو رأي أو قرار يقوم حزبك باتخاذه من قضية أو حدث أو شخص ما, وبالتالي تنعدم فرصتك في اتخاذ أي خيار أو اتجاه مغاير لما سلف, وإلا عرّضت نفسك لإجراءات حزبية انضباطية قد تصل حد الفصل أو الطرد مثلا...."

... ولكن الحياة الحزبية (دينية أو سواها)  ليست بهذه البساطة, إذ يمكن الافتراض أنه وخلال آليات الحزب ذاتها؛ تستطيع التعبير عن رأيك وإبداء وجهة نظرك, ألا تعتقد ذلك؟

"مع كل الاحترام لما تقوله؛ لكنني لا أرى حديثك عن هذه (الآليات) مقاربة واقعية لـ(حالتنا) ولما يجري على الأرض, إذ لا يخفى على ذي بصر أنّ جميع أولئك الذين أردوا أن يخالفوا أحزابهم في قضية من القضايا أو مسألة من المسائل انتهى بهم المطاف إلى الانشقاق عن أحزابهم وتياراتهم الأم, وتشكيل أحزاب أخرى.

لدرجة أنـّه يوجد بين ظهرانينا اليوم –كما أعرف وتعرف- أحزاب كثيرة نشأت بالأساس عن ذلك الوضع الذي وصفت لك, ومن بينها يمكنك دون كثير عناء أن تجد (تيارات) مؤلفة من أشخاص يمكن عدّهم على أصابع اليد الواحدة!


وإذا سمحت لي فهناك شيء آخر حول موقفي هذا من الأحزاب.وهو أمر أسهم أيضا في تشكيل نظرتي من الحياة الحزبية المحلية كما تسميها, هو اعتقادي أن الإنسان في منطقتنا لم يصل بعد في تطوره الذاتي والاجتماعي حدا يمكنه أو يؤهله كي ينخرط في أطر كهذه (حياة حزبية.. كذا), ولهذا السبب بالذات؛ أعتبر نفسي اليوم من مناصري العمل الفردي المحض, وتمسي مؤطرات العمل الجماعي بهذا المعنى مرحلة جد متقدمة, ويفصلنا عنها اليوم من حيث نقف بون شاسع.

وإذا كان من أحد يرغب حقا في أن يضع أطروحة العمل الجماعي موضع التنفيذ -وأحد تمظهراتها هي حالة الحزبية موضوع أسألتك- فعليه أن يبدأ لا محالة من نقطة العمل على تكوين الفرد الواعي, وعلى الجميع عندها أن يبدؤوا العمل بشكل ذاتي على هذه الفكرة.

لذا-وبغض النظر عن أي موضوع آخر- علينا في البداية أن نتحصل على فرد قادر على الاستقلال برأيه وقراره. وهذا الشخص من وجهة نظري لا وجود له بيننا اليوم."

ولكن التيارات الدينية عادة ما تنحو صيغ عمل جماعية, ووفق الشرط الموضوعي لظهورها, يكون لها (مداخلات) في الرأي السياسي العام بداية, وصولا إلى الحزب أو التنظيم السياسي الصافي, والذي قد تدفع باتجاهه العناصر الأكثر حماسة في المجموعة؟

"حسنا, لا أدري إن كان جوابي سيرضيك, ولكني أعتبر هذا الميل كما وصفته خطأ فادحا, ولا يمكنني النظر إلى حالات من هذا النوع على أنها حالات صحية يجب تعميمها.

ولا أجد بدا من أن أكرر لك أن ّ على الإنسان أن يملك بادئ ذي بدء المقدرة على انتقاء خياراته بنفسه, وبعد ذلك (قد) يكون من المستساغ أن يحصل التقاء أو تجمع من نوع ما لكل أو بعض أولئك الذين يملكون رأيا محددا لصنع تيار أو ما شابه.

وأنا في النهاية لا أعاند لمجرد المعاندة, إذ أقر معك أنّ المجتمع مضطر الآن أن يقاد عبر هذه القوى والتيارات الحزبية –مطلق أحزاب-, نظرا لغياب هذا الإنسان الواعي على المستوى السياسي كما على المستوى الديني, مع أنّ الأشياء تظهر فاقعة أكثر مع هذا الأخير بالذات, لجهة وضوح وجود (الشيخ) و(المريد) كمبدأ في هذا الإطار, والذي أكرر توصيفي له بأنّه خطأ لا يوصل إلى نتيجة"

بما أنك تحدثت عن (الشيخ) و(المريد), أليس من الأجدى في هذه الحال أن نشجع شكلا آخر للتعاطي يكون بناء العلاقة فيها أكثر (مؤسساتية) بين الطرفين المذكورين, بحيث يتم الحد من إعادة إنتاج هذه الأشكال القديمة التي تساعد على انتشار (البؤر) المغلقة, والمعزولة عن أي حوار أو حراك في البيئة المحيطة؟

"اسمح لي, هذه التيارات عاجزة عن توعية الفرد من خلال الجماعة أو الجماعات التي تؤسسها, وهي إن تمكنت من عمل أي شيء على الاطلاق لفرد من الأفراد؛ فهو سيكون بكل تأكيد تحويلا لذلك الشخص إلى فرد مطيع و(مطواع) ضمن الجماعة نفسها.

باعتقادي هناك نوع من (التدافع) يجب أن يحصل بين الأفراد قبل أن يصبحوا قادرين على الانتظام في جماعات من هذا القبيل الذي تتحدث عنه, أنا أصر على تهيئة (الإنسان) أساسا, لا عن تهيئة مسلم أو مسيحي أو ماركسي أو...,وهذا لن يتم على يد هذه الجماعات."

فماذا إذا عن هؤلاء المتدينين من السوريين الشباب الذين اختاروا تعبيرا سياسيا (متطرفا) في نظر بعضهم، و(إرهابيا) في نظر آخرين, فيما يعتقدون أنه طريق (الجهاد),ولك فيما وقع من حوادث في حلب, وريف حماة, ودمشق وريفها, في الفترة الأخيرة نموذج عنهم؟

"أعتقد أنّ الاحتقان الحالي والتضييق الموجود على الشباب يولد التطرف, ويفرز حالات تؤخذ على أنها مؤشر على التوجه العام لدى الشباب السوري, وهو استقراء خاطئ بطبيعة الحال. الظرف الحالي هو الذي دفع –وبشكل استثنائي- باتجاه إفرازات من هذا النوع, إذ ليس كل الشباب (متطرفين) و(إرهابيين) و(انتحاريين).

الشباب لديهم أمل في هذه الحياة, إنما -وفي ظل أفق مسدود- من غير المستبعد أن تنمو مثل هذه الظواهر. ناهيك عن أنّ الإعلام يلعب دورا أساسيا في التعميّة وتغييب بعض الحقائق, والدفع باتجاه تصورات محددة, تكون في الغالب الأعم سلبية الطابع, فإذا أخذنا مثلا (كلاسيكيا) عن شخص يفجر نفسه في مكان عام ويقتل ويجرح من كان حوله, نجد في المقابل لهذا الفرد عشرة أشخاص آخرين يجلسون بسلام في مكان آخر لمجرد الدراسة, وبالطبع وكما هو متوقع دائما يظهر ذاك على الشاشات فيما يغيب هؤلاء!"

إذا فأنت لست قلقا من أنّ مسودة قانون الأحزاب -المنتظر- لا زالت تلحظ على ما تسرب للاعلام منها عدم السماح بإقامة أحزاب على أسس طائفية ومذهبية؟

"باعتباري الشخصي, عندما يكون لديك نظريا أحزاب مؤسسة على أساس ووفق مبادئ دينية؛ فهذا يفترض منطقيا أنّ هذه الأحزاب مبنية على قاعدة أوسع من نظائرها القائمة على مبدأ القومية على سبيل المثال, وتجد على أرض الواقع أنّ هذه الأخيرة -الأحزاب القومية- مرخص لها بالعمل وموجودة على الساحة, بينما الأخرى محظورة.

إذ أنّ نطاق القومية أضيق من نطاق الدين, ويمكن لأي شخص أن يدخل حزبا دينيا, حيث من الممكن لأي كان أن يغير ملـّته من حيث المبدأ, وبالتالي يمكنه اختيار حزب ديني ما للانضمام إليه, بينما لا يمكن لأحد أن يغير قوميته بغرض الانتساب إلى حزب قومي معين.

والأحزاب اليسارية يمكن تصنيفها في السياق كأحزاب (دينية) تحمل أيديولوجيا معينة. فلا أدري والحال هذه لماذا يمنعون الأحزاب الدينية؟

مع العلم أنني شخصيا ضد فكرة الأحزاب بالأساس كما أسلفت"

ما مصدر هذه الشكوك والتخوفات عند الأطراف التي لا تريد أن ترى أحزابا دينية سياسية برأيك؟

"حسنا, الإشكالية بنظري مع الإسلاميين, هي أنهم يـُقادون بشكل أسهل من غيرهم على أيدي المشايخ ضمن تراث ديني متسلسل وطويل, ومرجعيات روحية لا يمكن زحزحتها, إذ قد يكون في متناول اليد مثلا أن تنتقد مرجعية ماركسية, وتقول عن فلان منهم بأن فيه من الصفات كذا وكذا, أمـّا مناوأتك مرجعا دينيا فدونه الكثير من المحاذير والعقبات, ويصبح الأمر إذ ذاك أكثر تعقيدا لما يظنّ من ارتباطه بالإلهي."

وبالتالي فاهتمام الشباب السوري المتدين في ظل عدم وجود منفذ تنظيمي سياسي يجب أن ينصبّ برأيك على ....

"..... المشاركة في الشأن الحياتي العام, وهذه المشاركة لا تقتصر أبعادها على السياسي المحض كما يفهمه العامة, وأنا هنا أتكلم عن الشباب السوري بعمومهم ولا تخصيص لإسلامي عمّن سواه, لأقول أنّ نظافة الطرقات هي من الشأن العام مثلا, وهذه ليست دعوة للشبيبة أن يحملوا المكانس على ظهورهم ويبدؤوا بكنس الشوارع, أو أن يعمدوا إلى توعية الناس حول هذا الأمر بقدر ما هي رجاء منهم بأن يكفوا هم أنفسهم عن توسيخ تلك الشوارع.

مكافحة الرشوة مثل آخر, والرشوة كما يعرف القاصي والداني بلاء مستفحل, وهي ضد القانون و الأخلاق على السواء, وفي هذا أعود لأؤكد أنني لا أسأل أحدا أن يصرخ فوق المنابر تنديدا بالرشوة, بل أن يمتنع الشباب عن التعاطي بها ودفعها إلى الآخرين.

شيء آخر, على الشباب أن يعمدوا إلى قراءة القانون, فشبيبة البلد ليست لديها أدنى فكرة عما هي حقوقها وما هي واجباتها قانونا!

وأنا لا أسعى في هذا السياق وعبر دعوتي هذه إلى تقديم رؤية نقدية عن هذا القانون, ما هو أو كيف يجب أن يكون, بل أتعامل مع القانون كما هو موجود نصا, والذي نحن ملتزمون به إلى الآن."


2007

2011-02-08

الحزبيون السوريون الجدد ..دماء شابـّة، وشريان مفتوح! (2)

شهادات وآراء شباب في الحياة الحزبية السورية



             حزبيـّون على نفقة العشيرة، وقيادات بالـ(مؤبـّد) 
             (في الحزبية السورية الكردية)


يطيب لبعضهم السياسي بين الحين والآخر أن يردد على أسماع ضيوفه ما طاب له, مقولة أنّ القوى السياسية السورية الكردية تشكل في واقع الحال الحامل الأكبر للحراك السياسي (المعاراضاتي) في البلد, بدء من حبر تواقيع العرائض والبيانات, وصولا إلى عرق تنظيم الاعتصامات وتسيير المظاهرات, كون تلك القوى الكردية-برأي محدثنا- هي الأكثر تسييسا, والأحدّ استنفارا, والأطوع استجابة لتوجيهات قياداتها (القيادات بين قوسين)، وأنّ شيئا لا يمكن أن (ينجز) بدون هذه الحالة التعبوية لمناصريهم (قوسان هنا أيضا).

وطبعا لا تعدم تلك المجالس من ينبري لإدغام (زخم) التيار الديني في التحليل السابق ذكره جنبا إلى جنب مع (الفاعلية) الكرديـّة, رغم ما في تحديد المعالم الحركيـّة لهذا الـ(زخم الديني) من إشكالية, هذا من جهة, ومن جهة أخرى السؤال فيما إذا كان أحد ينوي إعادة رسم إشارة استفهام -استفهامية محضة- عن مدى التداخل بين (القومي) و(الديني) لدى هذه الحركات, على اعتبار أن عددا لا يستهان به من قادة الرأي الروحي المحلي, و(مشايخ) الساحة الدينية السورية -إن صح التعبيران- هم من أصول كردية!

وفي العموم لا يمكن اعتبار جمهور السياسة السورية الداخلية غريبا عن مجمل نشاطات الحراك السياسي السوري ذي المانشيت الكردي, والذي يشكل الشباب عموده الفقري, من قبيل الاعتصامات الصامتة مثلا خارج أسوار كلية الآداب, أو التظاهرات الأكثر صخبا قرب رئاسة مجلس الوزراء, ناهيك عن أحداث أكبر وقعا كالذي جرى في المنطقة الشمالية في آذار 2004, والذي بات يعرف بـ(أحداث القامشلي) وارتداداته حتى دمشق وضواحي العاصمة.

فإلى أي حد هي متميزة تلك العصبية الحزبية لدى الشباب السوري الكردي عنها في باقي قطاعات الشباب في البلد, وهل ثمة تقاطع أو تلاق في الهواجس والهموم يلتقي عليها الجميع, وتغفل عنها أحيانا عين المراقب على سطح الحدث أو الظاهرة؟

عن ذلك يقول محي الدين عيسو وهو صحفي شاب متابع لهذا الشأن:

"أحب أن أوضح في البداية أن الحركة السياسية الكردية في سوريا؛ هي جزء من الحركة السياسية السورية العامة، وجزء من المجتمع السوري الذي يجمع في جغرافيته فسيفساء من القوميات المتعايشة في إطاره، بيد أنّ الشيء المشترك والذي يجمع بين هذه القوميات؛ هو في واقع الحال غياب هذه القوميات عن الحياة السياسية منذ عقود, وذلك لأسباب لسنا بصدد الحديث عنها في الوقت الحالي، إلا أنّ المجتمع الكردي كانت له خصوصية من حيث تعرضه للقمع, لتأتي انطلاقة الحركة السياسية الكردية في عام 1957 -العام الذي تأسس فيه على الأرض أول تنظيم كردي في سورية, وحمل في حينه اسم (الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا)- كضرورة وطنية وقومية, وتجسيدا لإرادة هذا الشعب عبر ممثل شرعي له، حيث كان الأستاذ عبد الحميد درويش -والذي يعتبر من بين القيادات والمؤسسين لهذا الحزب- لا يزال شابا طالبا في جامعة دمشق، في ذلك الحين أقبل الشباب الكردي على الانخراط في صفوف هذا الحزب بكثافة شديدة, وشمل إقبالهم ذاك كافة المناطق التي يقطنها أكراد، وساهم هذا العنصر الشاب الذي دخل المعترك الحزبي في نشر مبادئ وأهداف الحزب الأم بين عناصر وأفراد المجتمع الكردي, ونقل هذا التعاطف الحزبي إلى آخرين, حتى إلى أولئك الذين لم يكونوا قد انضووا تحت لوائه, مدفوعين بمبدأ ما يؤمنون أنّه تحقيق (الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في سورية)، إضافة إلى زرع ثقافة التآخي العربي – الكردي داخل المجتمع السوري، وعليه يمكننا القول بأن المجتمع الكردي في سوريا هو مجتمع مسيس بشكل عام, إنما وغير متحزب بالشكل المطلوب."

ما هو الدور الذي تلعبه العائلة والعشيرة في تحديد الانتماءات السياسية والحزبية للشباب السوري في شمال البلاد؟

"لا يخفى عليك أنّ الانقسامات والانشقاقات والصراعات العشائرية في صفوف الحركة الكردية منذ العام 1965 أدت إلى ابتعاد شريحة كبيرة من الشباب الكردي الحزبي عن صفوف الحركة السياسية الكردية، وهذا أمر واقع, وهي حالة وقفت للأسف حائلا دون إتاحة الفرصة أو المجال أمام الشباب السوري الكردي كطاقة فعالة من الوصول بأفكارهم إلى قمة الهرم القيادي, والذي أصبح مع مرور الوقت (محتكرا) بيد من تسلموا الزعامة فيه, وينوون الاستمرار فيها (إلى الأبد!)"

هل من الممكن للمراقب تلمس تأثيرات هذا الوضع على الشارع الشبابي الكردي؟

"بالطبع, هناك ملاحظات كثيرة يمكن الإتيان بها كشاهد في هذا المجال, فأكبر تجمع شبابي للطلبة السوريين الكرد على سبيل المثال موجود كما هو معروف في جامعة حلب، إذ يربوا عددهم هناك على الـ(5000) طالب وطالبة، في حين أنك إذا دققت وأحصيت بينهم من هم منخرطون عمليا في صفوف الحركة السياسية الكردية؛ فإنك ستجد أن هؤلاء لا يتجاوز عددهم في أحسن تقدير الـ(300) حزبي, وهذا الأمر إن كان لنا أن نستدل منه على شيء, فهو يدلنا على عدم اكتراث أو اهتمام هؤلاء الطلبة بما تحاول أحزابهم الكردية أن تستميلهم به من سياسات, وهذا الانفضاض عن تلك الأحزاب من قبل الشباب إنما يأتي كنتيجة طبيعية وموضوعية لما آل إليه واقع تلك الأحزاب والتيارات, من خلافات وانشقاقات وصراعات من دون مضمون أو مغزى, ناهيك عن سبب آخر متمثل في أنّ جلّ أولئك الشباب السوري الكردي يفضلون الابتعاد عن الحياة السياسية العامة اليوم لحساب التفكير والانشغال بتوفير لقمة العيش, والتي أصبحت مستعصية على المواطن السوري على الإجمال."

ما هو برأيك سبب تدني حجم مشاركة الشباب الحزبي الكردي في الأحزاب السورية التي ليس لها طابع قومي محض, هل ثمة موضوعيا ما يحول بين هؤلاء الشباب و(اندماجهم) في بقية الطيف الحزبي السوري الأوسع؟

"هناك شيء يجب توضيحه في البداية, وهو أنّ عدم تفهم الأحزاب السورية الأخرى لطبيعة الحركة السياسية الكردية وأهدافها الديمقراطية؛ أسهم مع الوقت في جعل الأحزاب والحركات والتيارات السياسية الكردية تعيش حالة من الانغلاق, ودفع باتجاه هيمنة الفكر الانعزالي على التوجه السياسي الكردي العام.

وهذا بدوره فتح الباب واسعا أمام البعض لإيهام الناس والرأي العام الوطني السوري بأن ولاء الحركة الكردية السياسية إنما هو ولاء للخارج, ناهيك عن اتهام الحراك السياسي الكردي بأنه حراك ذو مآرب انفصالية, وجرى كل ذلك بهدف حرمان القوى الكردية السورية من تحصيل أي دعم على المستوى الوطني, والحيلولة دون إدراج (القضية الكردية) ضمن أجندة القضايا السورية التي تبحث في العموم عن أجوبة وحلول عادلة وعاجلة.

وأنا آسف إذ كنت مضطرا لهذه المقدمة كي أوضح أن هذه السياسات التي أسلفت الحديث عنها أوصلت في النهاية إلى أن يتوجه الشباب الكردي السوري باتجاه التمسك والتشبث بأحزابه (القومية), وأدت به إلى العزوف عن محاولة الاقتراب من التيارات والأحزاب السورية الأخرى, أو السعي إلى الانخراط في صفوف قوى وطنية سورية غير كردية, وربما يكون الاستثناء الوحيد في هذا السياق هو ما جرى عمليا ضمن الأحزاب الشيوعية السورية, والتي كانت تعج بالشباب الكردي في وقت من الأوقات"

....فماذا عن اليوم إذا؟

"اليوم, ومع مرور الزمن, وانتشار ثقافة ومبادئ حقوق الإنسان, وبعد أن طفت على السطح ظاهرة (المجتمع المدني)، وبفضل ما أتاحته التكنولوجيات المتقدمة لنا من وسائل اتصال وتواصل, والفضاء الرحب الذي وسعته لنا شبكة الانترنت، ناهيك عن التواصل الذي قام بين معتقلي الأحزاب الكردية والأحزاب السورية الأخرى داخل السجون؛ أقول بعد كل هذا الذي ذكرت وبفضله انخرطت أعداد كبيرة من الشباب الكردي السوري في جمعيات حقوق الإنسان التي نشأت مؤخرا, كما في منظمات المجتمع المدني الأخرى, والأحزاب الديمقراطية السورية التي تدعو إلى مبدأ (المواطنة) واحترام حقوق الإنسان, وهذا بدوره أوصل إلى قيام ائتلافات وتشكيل تحالفات مع الأحزاب والقوى السياسية السورية الأخرى كـ(إعلان دمشق) دمشق مثلا, وذلك كله بغرض التوصل إلى صيغة مشتركة للعمل ضمن إطار النضال الوطني العام والشامل."

بماذا يمكن أن يتميز الخطاب السياسي للسوريين الأكراد, وخاصة الشباب الحزبي المنضوي في راية قوى سياسية كردية, كي يتجاوز-من طرفه على الأقل- عوائق الاتصال تلك التي أسلفت الحديث عنها؟

"باختصار شديد, على الشباب الحزبي السوري الكردي أن يعمل جاهدا وسريعا على التخلص من كل تلك العقد الحزبية المبثوثة والمزروعة في الموروث الثقافي والاجتماعي، وعلى الشباب بالذات السعي بكل ما أوتوا من طاقة من أجل محاولة تصحيح بعض المسارات، والعمل على تحقيق التواصل المستمر مع الآخر المختلف بالرؤية كردياً وسورياً, منطلقين في كل هذا من اعتبار واحد, وهو أن هذا الوطن الذي يجمعنا يجب أن يكون للجميع, بعيداً عن الانتماءات القومية والدينية والطائفية, بغية تطور المجتمع السوري, وتحقيق رفاهيته التي يجب أن تشمل الجميع."


2007

2011-02-06

الحزبيون السوريون الجدد ..دماء شابـّة، وشريان مفتوح! (1)

شهادات وآراء شباب في الحياة الحزبية السورية

           أحزاب بلا شباب؛ فزاعات وهلام سياسي  (تيار قاسيون)


"هناك في مجتمعنا المحلي فراغ تعيشه هذه الشريحة الشابة، بمعنى أن كل القضايا الموجودة خارج البلد وداخله، مضافا إليها ما نعيشه من انحطاط وأمراض اجتماعية تتمثل أمامنا بالفساد والبطالة والهجرة خارج البلاد ...هي أمور في واقع الحال تعمل على تحفيز الرغبة بالتغيير لا وأدها"

بهذه الفاتحة تستهل لينا الحمد طالبة الإعلام في جامعة دمشق حديثها عن تجربتها الحزبية التي لها من العمر الآن ما يقارب السنوات الخمس.

لينا التي تخيرت الانضمام إلى اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين والمعروفة باسم (تيار قاسيون) لا تنظر بعين الرضا إلى كثير من مجايليها الذين فضلوا ترك العمل في الشأن العام لـ(أهله)، معتبرة أن ما يظن هؤلاء أنهم قد تحصلوا عليه من خبرة لا يؤهلهم بحال كي يحكموا على أنفسهم بالعجز التام عن "إضافة أي جديد" وبالتالي أن يكوّنوا "تلك النظرة السوداوية إلى الآتي والتي تقضي بعقم المستقبل"

"عمري 25 عاما –تقول لينا- وإدراكي ووعي السياسي بدأ في فترة ساد فيها سوريا فيما أرى فترة ضمور وجمود وخوف سياسي، وهامش الحرية الذي نالته الأحزاب جاء بعد 2001

فهناك ظروف خاصة عاشتها البلاد خصوصا في نهاية السبعينات ونخاية الثمانينات، راكمت أشياء من العسير أن تأتي اليوم وتزيحه خلال مدة بسيطة. فأي حراك سياسي يمكن الحديث عنه في الفترة الأخيرة هو في واقع الأمر لازال يدفع ضريبة هذه الظروف، الشيء الذي خلـّف جيلا كاملا من الشباب من دون أيّة خلفية سياسية".

بيد أنّ لينا تعتقد جازمة أن المجال لا زال واسعا أمام الشباب الراغب في الانخراط في العمل الحزبي، وإن كانت تصنف أصحاب ذلك الطموح إلى صنفين (فئة تملك الفكر والطاقة الصادقة لتقدمها لنفسها و للآخرين، وفئة لا يعدوا ما لديها مجرد أحلام وتهيؤات)، معتبرة أنّ هذه الفئة الأخيرة تعاني بدورها من فراغ، وتملأ هذا لفراغ أحيانا بأشياء مشوهة "ستجد بين هؤلاء مثلا من يرتدي صورة غيفارا من دون أن يعرف من هو غيفارا، والذي كان رفع صورته في وقت مضى يوصل إلى أمور لا تحمد عقباها، والشيء ذاته ينسحب على رمز (الزوبعة) شعار الحزب السوري القومي الاجتماعي والذي ظلّ محظورا حتى فترة ليست بالبعيدة، وبشكل أخف ربما مع صور عبد الناصر، وبالتالي حصل نوع من الاستهلاك لهذه الرموز من قبل بعض الشباب مستغلين هامش الانفتاح الذي حصل مؤخرا والقدرة على تداول هذا الرموز بشكل علني في الشوارع والساحات، فصار هناك استسهال وإسراف في التعاطي معها، الشيء الذي لمست فيه شخصيا تعبيرا عن خواء داخلي ومعرفي فيما يخص خلفيات هذه الشعارات ومتضمناتها".

أما الفئة التي تشربت بالفعل الأفكار الحزبية وعرفت حقا معنى الانتماء الفكري –وفق تعبير لينا- فهي فئة "قليلة جدا"، بل وتذهب الحزبية الشابة أبعد من ذلك لتقول أن الذين يعملون بشكل جدي وفق هذه المبادئ "معدودون"، معتبرة أنّه "لو أتيح لنا القيام بدراسة إحصائية في كل حزب على حدة فيما يخص هذا الموضوع بالذات لتبين لنا كم هو مخز ذلك العدد من الحزبيين الفاعلين الذي يمكننا أن نخرج به من المجموع العام".

ولكن ماذا عن سؤال عما إذا كانت الأحزاب المتواجدة على الساحة السورية اليوم لازالت بشعاراتها وأيديولوجياتها ورموزها قادرة على أن تجيب عن أسئلة الشباب السوري اليوم؟

بأسف تهز لينا رأسها وتجيب " عموما...لا، والتاريخ الذي عاشته هذه الأحزاب في فترة سابقة من أربعينيات إلى سبعينات القرن المنصرم، لم يبق منه إلا أولئك الذين لازالوا يقفون ويبكون على أطلاله"، ببساطة تضيف لينا "الأحزاب الراهنة ومن دون تخصيص فقدت ثقة شريحة الشباب بها".

إذا ما الذي لازال يدفع الحزبيين من الشباب إلى التمسك بهذه الأحزاب؟

تجيب لينا على هذه المفارقة بجواب يحوي من البراغماتية أكثر مما يحوي من الأيديولوجيا وتقول "بكل بساطة، الشاب الذي لا يعمل من ضمن تنظيم حزبي ما هو في النهاية سوى مجرد فرد واحد، وبالعمل الحزبي (الجماعي) وحده يبقى هناك فسحة من أمل لدى الشباب للالتقاء مع أشخاص يشبهونهم، وبالتالي يكون ثمة فرصة أكبر للتعاون و العمل بغرض انجاز شيء ما،حتى وإن كان على مستوى تغييرات صغيرة داخل الأحزاب نفسها -مع أن هذا يستغرق وقتا-ولكن ذلك يبقى أفضل في النهاية من ألا يكون هناك من يقوم بهذا على الإطلاق"،وإلا "تحولت الأحزاب إلى فزاعات وخيال مآتى، وبخاصة الأحزاب المشاركة ضمن الجبهة الوطنية التقدمية، والتي استحالت مع الوقت إلى ظلال وهلاميات لا يمكن الإمساك بها"ما يفسر من وجهة نظر لينا على الأقل "تلك الانفصالات و الانشقاقات أو عمليات الفصل و الطرد الحزبيين التي تحصل بين فترة و أخرى، والتي قد تكون مؤشرا على وجود حراك داخل بعض الأحزاب تقوم به فئات قد تكون تعمل على الضد من الطريقة التي (برمجت) عليها هذه الأحزاب، وأنا هنا لا أتحدث عن تيار قاسيون بالذات، فالحزب السوري القومي على سبيل المثال و قع فيه انشقاق واضح بمجرد أن عُرض عليه كرسي في (الجبهة) "

هل هذا يعني أن للحزبيين الشباب فاعليتهم داخل أحزابهم، وأنهم مقتنعون بضرورة التغيير؟

"إلى حد ما –بالنسبة للشطر الأول من السؤال- أمّا عن ضرورة التغيير فهم مقتنعون بذلك، غير أن هذا التغيير لا بد أن يظهر عبر تبدل القيادات بين فترة وأخرى، وهذه مسألة مهمة باعتقادي، وليس لزاما أن يكون المقصود بكلامي مثلا أعلى سلطة حزبية موجودة وهي اللجنة المركزية، -وأنا أتكلم هنا عن قاسيون- بل أخص بحديثي اللجان المنطقية واللجان الفرعية.

إذ لا أجد جدوى مثلا من إعادة انتخاب لجنة فرعية موجودة منذ سنتين لم تقدم خلالهما الشيء الذي كان مطلوبا منها؟ وهذا المثال المصغر يعفيني من ضرب أمثلة أكبر" !

وترى لينا أن مشكلة بقاء الوجوه نفسها في مفاصل الحزب مشكلة تعاني منها القوى السياسية عامة في الأحزاب عموما "وإعادة انتخاب الرموز ذاتها والأشخاص ذاتهم في كل مرة يوصل إلى الجمود، لتصبح القصة استفتاء لا انتخاب، وهذا أمر لا علاقة له بكون هؤلاء الأشخاص هم النخبة أو أنهم الأفضل، فإذا عجزنا عن التغيير على مستوى لجنة مصغرة فنحن بالتالي غير جديرين بأن نطالب بشيء أكبر"

هل تقف القيادات الحزبية في وجه الراغبين بـ(تحريك الأوضاع) من الشباب؟

"ليست المسألة مسألة قيادات بقدر ما هي ربما مسألة كسل في القواعد -الشبابية منها على وجه خاص- ناهييك عن عدم خبرة لدى هؤلاء الشباب وتعوّد على تحمل المسؤولية.

ورغم وجود تثقيف مستمر وتوطيد للفكر؛ بيد أنّ هذه الأمور كلها لا تساوي شيئا ما لم تقترن بالممارسة على أرض الواقع، إذ بإمكان المرء أن يقرأ و يقرأ في الاقتصاد السياسي، وستأتيه المعلومات من كل مكان –وهذه ميزة تحسب للتيار حقيقة- لكن ما لم تتح الفرصة لكل هذه المعارف كي تحتك مع الواقع فإنها ستبقى بعيدة عن التطور.

ولا يكفي أن يكون هذا التفاعل الذي أتكلم عنه داخل التيار نفسه إذ عليّ أن أجلس مع شباب من تيارات أخرى مثلا، أو أن أنزل إلى الشارع حيث محك إنتاجية ما تلقنت"

لم تواجه لينا يوما عوائق ذات بال كمحازب (فتاة) فشاركت بفاعلية حتى الآن ضمن نشاطات تيارها، وقامت بالمهام الموكلة إليها حزبيا على أتم وجه، وهي وإن كانت مصرة على أن جوهر الإشكال في المجتمع "طبقي، لا جنسي"؛ فإن الأمر لم يخل الأمر أحيانا من بعض الحزبيين (الذكور) الذين "قد لا يستسيغون وجود فتاة ناشطة تنزل المظاهرات والاعتصامات، بل ربما تتعرض للمسائلة الأمنية مثلهم تماما"

هذا وتعتزم لينا ترشيح نفسها لانتخابات اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعين السوريين (تيار قاسيون)، وفي حال نجاحها فستكون حينها أصغر الأعضاء سنا في اللجنة، بفارق لا يقل عن  15 سنة عن أقرب مسؤول إليها!

الأمر الذي يعيد إلى الذهن مباشرة تلك الفجوة العمرية الشاسعة في البنية التمثيلية للقوى السياسية السورية، والتي فيما لو تم جسرها ربما تساعد على تجاوز عقبات أخرى لا يزال الشباب يرونها حائلا دون مشاركتهم الفعالة، من نمط ما قد يكون لدى الكوادر الحزبية الشابة مثلا من ملاحظات أحيانا يصعب عليهم الإفصاح عنها في نطاق مؤسساتهم السياسية.

تقول لينا "ليس من السهل عليك كحزبي التوجه بالنقد إلى من هم أعلى منك مرتبة من دون أن توضع عليك إشارة استفهام، كيلا لا أقول تصبح من المغضوب عليهم، مثيرا حولك التساؤلات، من قبيل من هو هذا الذي ينتقد، ومن أرسله، وما هي غايته.....، وكل ما من شأنه تحميل الأمور أكثر مما تحتمل. مع أنك تشهد بأم عينك مثلا بعض الممارسات في (اللجنة الحزبية المنطقية) والتي لا تمت للمنطق بصلة!"

لكن لينا تستدرك بسرعة الذاتي بالموضوعي، بإدراكها أن معيقات الحركة داخل الجسد التنظيمي لا تنفك عن عوائق الحراك السياسي في البيئة التي يعيش فيها ذلك الجسد أو يموت.

وعليه تعتقد لينا أنه "آن الأوان بالنسبة إلينا كبلد يواجه كل هذه التحديات على الصعيد الداخلي و الخارجي أن نحظى بقانون للحياة الحزبية-عم تحكي فيه الحكومة من أربع سنين- يساعد على لمّ جهود مختلف الأطراف الفاعلة لمواجهة هذه التحديات، ناهيك عن ضرورة الخروج من عهد الشتائم والسباب والاتهامات بالعمالة والخيانة، رغم أنني شخصيا لا أتوقع أن ذلك قد يتم تحقيقه في فترة قريبة"

آخر نشاط ميداني في الشارع شاركت فيه لينا بـ(فولارها) الأحمر وقلادتها التي تحمل خارطة البلاد كان السنة الماضية في ساحة المحافظة مع أنها بالكاد تذكر السبب أو المناسبة، لكنها عضو دائم في فريق مسير ميسلون الذي ينظمه التيار بين منزل يوسف العظمة وضريحه كل سنة.

ومهما بدا ذلك غريبا في عيون (أكابر) الحزبيين و(كباريتهم) على مختلف أطيافهم السورية؛ فإن حماس معظم الشباب الحزبي الجديد محكوم اليوم بمنطق الأمور. ولينا قد تكون شاهدا أكثر من ملائم على هذا الطرح، فهي لا تبرح تقيـّم شارق كل فجر تجربتها الحزبية بالورقة والقلم، باحثة في الجدوى وعنها، و"في حال خذلني حزبي فلست مضطرة للبقاء فيه".


2007

2011-01-17

الطقس وأخبار ما قبل التاريخ أهم.. الإعلام السوري يتجاهل السبق "الصحفي" التونسي

Official Syrian Media ignores Tunisian Revolution









انعكست برودة الطقس في العاصمة السورية دمشق صباح اليوم على طريقة تعاطي الإعلام السوري الرسمي وشبه الرسمي مع الحدث الأكثر سخونة في الساعات الماضية وهو فرار الرئيس التونسي "زين العابدين بن علي" إلى السعودية بعد تصاعد الضغط الشعبي المطالب بتنحيه.

وطالعت صحيفة "تشرين" الحكومية الصادرة وحدها من بين الجرائد اليومية السورية، باعتبار السبت يوم عطلة رسمية، قراءها بخبر يتيم عن تونس حمل عنوان "إعلان حالة الطوارئ في تونس.. بن علي يغادر والغنوشي يعلن توليه صلاحيات الرئاسة مؤقتاً"، معتمدة بشكل رئيسي على أنباء "التلفزة" و"وكالة الأنباء" التونسية. فيما تجاهلت "سميرة مسالمة" رئيسة تحرير الصحيفة، وهي أول سيدة تعين في هذا المنصب، الخبر العربي الأبرز وفضلت في افتتاحيتها توجيه الانتقاد لدور الاتحاد الأوروبي تجاه قضايا المنطقة، المنقاد وراء واشنطن، متجنبة التعليق في السياق على موقف الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" الذي أحجم بالأمس عن منح اللجوء للرئيس التونسي الهارب.

وفيما ظل موقع صحيفة "الوطن" شبه الرسمية بدون تحديث منذ يوم الخميس الماضي، تناول موقع "الوطن أون لاين" التابع للصحيفة ذاتها الخبر التونسي نقلا وتحريرا عن موقع القناة الإخبارية القطرية "الجزيرة". وتصدر عنوان الموقع "الغنوشي يتسلم رئاسة تونس بعد عجز بن علي" صورة كبيرة من الأرشيف لـ"بن علي"، دون أية لقطات للمظاهرات "العارمة" التي عمت الجمهورية التونسية وفق الموقع ذاته. وكان لافتا أن الأخبار التي صنفها محرر الموقع على أنها مواضيع ذات صلة بـ"الاحتجاجات الشعبية" حملت العناوين التالية: "الأسد: سورية مهتمة بتعزيز العلاقات مع موريتانيا"، "فوز كاسح لزين العابدين بن علي وحزبه في انتخابات تونس"، "تونس تجدد العهد لرئيسها خمس سنوات قادمة" !

أما موقعا "شام برس" و"سوريا الغد" شبه الرسميين، فقد وضع أولهما الخبر التونسي في أسفل عناوين قسمه السياسي هذا الصباح، فيما خلت افتتاحيات الثاني، ليس اليوم فحسب، من أي إشارة من قريب أو بعيد للنبأ الإقليمي الأكثر إلحاحا، وشذ ّ موقع "سيريا نيوز"، المقرب بدوره من السلطات، بخبر مفصل على صدر صفحته الأولى تحت عنوان "تونس: الاحتجاجات الشعبية تُطيح بـ(زين العابدين) وتجبره على مغادرة البلاد"، بل ووصف محرر الموقع "بن علي" بـ"الرئيس التونسي المخلوع". لكن ذلك ترافق مع منع "سيريا نيوز" قراءها من كتابة أي تعليق على الخبر.

ووضع موقع "الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون" في سوريا خبر "مغادرة الرئيس زين العابدين" في صدر صفحة أنباءه الرئيسية، جنبا إلى جنب مع خبري "أردوغان: سننسق مع سورية ودول ذات علاقة لحل أزمة لبنان"، و"الأبرش يبحث مع تشن تشيلي علاقات التعاون الثنائية"، متجاوزا تجاهل التلفزيون السوري الرسمي نهار أمس مواكبة الحدث بما هو أهله من الأخبار العاجلة التي تقاطرت على السوريين، الذين لم ينتظروا "غيث" قناتهم الرسمية بحسب تعليق لأحدهم، بل سارعوا إلى متابعة الأخبار على قنوات أخرى ليست بالضرورة إخبارية محضة. بيد أن الباحث عن مزيد من الأنباء المتعلقة بالموضوع على موقع "الهيئة" سيفاجئ بأن نتيجة البحث لن تأتي بأي خبر إضافي آخر، لكنه –موقع الهيئة- يبقى أكثر "مواكبة" للأخبار مقارنو بموقع "وزارة الإعلام" السورية التي تجاهلت النبأ كليا، وخلا موقعها من أدنى إشارة للخبر.

وعلى خطى موقع "وزارة الإعلام" التي تراجعت مضطرة مؤخرا عن فصل المئات من العاملين في تلفزيونها الرسمي، تأخرت "وكالة الأنباء السورية - سانا" ،كعادتها، في نشر خبر فرار الرئيس التونسي "بن علي" من البلاد، واختزلته في سطر واحد قالت فيه "وذكرت وكالات الأنباء أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قد غادر تونس"، فيما خلا الخبر الذي بثته على موقعها الالكتروني الرسمي من أي إشارة إلى المظاهرات التي عمت المدن التونسية أمس، واكتفى المحرر السياسي في وكالة الأنباء الوطنية الوحيدة في سوريا بموجب القوانين السارية إلى تبني وجهة نظر الرسمية للنظام التونسي، فوصفت "سانا" الاحتجاجات الشعبية في تونس بأنها "أعمال شغب".

وسبق الخبر التونسي الذي شغل وكالات الأنباء العربية والعالمية في صفحة "سانا" أنباء أخرى عن تنشيط "دوريات مراقبة الأسعار" و"حالة الطقس المحلية"، وجاءت أهمية إعلان رئيس الوزراء التونسي توليه الرئاسة مؤقتا في العاصمة التونسية إثر لجوء "زين العابدين بن علي" إلى السعودية بنظر إدارة "سانا" متقدمة درجة واحدة على محاضرة تناولت "الأدوات الحجرية في عصور ما قبل التاريخ"، فيما انشغلت زاوية "الأحداث في صور" على موقع "سانا" ذاته بتكرار ثلاث لقطات رتيبة لنشاط مسرحي وآخر موسيقي وحادث سير!

غير أن الخبر الرئيسي الثابت على شريط الأنباء الدوار على صفحة "سانا" فقد بدا برأي مراقبين "ذا دلالة"، وجاء تحت عنوان "الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بإحداث الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية..حماية الأفراد والأسر ورعايتها ..تقديم معونات للفئات الفقيرة والهشة وتمكين المستفيدين اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً".

"الناجي" الوحيد من هذا التقصير الإخباري والإعلامي الرسمي "الفاحش" بحسب المتابعين لم يكن صحيفتا "البعث" و"الثورة" اللتان تزامنت إجازتهما الأسبوعية مع وقوع هذه "القصة الإخبارية الفريدة"، إذ لا يتوقع لهما أحد أن "تشذا" عما أتت به "شقيقتهما التوأم تشرين"، وإنما كان في واقع الحال "القناة الإخبارية السورية" التي باشرت "تجريبها" الإخباري باسم "المجتمع العربي السوري"، وبتمويل "منه". فحدث كهذا ينظر محللون إليه على أنه كان قاب قوسين أو أدنى من أن يشكل "أعسر امتحان يمكن لهذه القناة الوليدة أن تخوضه"، وهي"المشكوك سلفا في هويتها واستراتيجيتها بحكم المنشأ". لكن "متفائلين إعلاميين" آخرين يأملون أن يتكرر "اندلاع" أحداث من هذا النوع مستقبلا، أقله لـ"الاطمئنان" على أن بوصلتنا "الإعلامية" المحلية لازالت تعمل.